إسقاط العضوية لمن يحمل جنسية أخرى من أعضاء مجلس الشعب بين مواد الدستور وأحكام قانون الانتخابات العامة

يهمسُ البعض في مجلس الشعب بأننا قد نشهد المزيد من إسقاط عضوية أعضاء في المجلس بسبب امتلاكهم جنسية أخرى، غير الجنسية العربية السورية، لنكون أمام نوعٍ من التدليس الذي مارسه من تقدّم بطلبٍ للترشح وهو على علم مسبق بمخالفته الصارخة للدستور، غير آبهٍ بما سينتج عن هذه المخالفات من تعطيل وتأخير لأعمال المجلس، وخاصةً مع إعادة إجراء انتخابات للمقاعد الشاغرة، بعد إسقاط عضوية ثلاثة أعضاء في المجلس، ووفقاً لأحكام المادة 152 من الدستور الصادر في عام 2012، والتي نصّت على أنه لا يجوز لمن يحمل جنسية أخرى، إضافة للجنسية العربية السورية، أن يكون عضواً في مجلس الشعب، ورغم وضوح المادة، لم يتردّد بعض الأعضاء المرشحين ممن يحملون جنسية أخرى بتقديم طلباتهم، متجاهلين النص الواضح، إما عن علم ودراية أو عن جهل بالقانون! مستندين فقط إلى الشروط الواردة في قانون الانتخابات العامة رقم 5 لعام 2014، لنكون أمام سؤالٍ واضحٍ مفاده: لماذا يتمّ إغفال الشرط رغم وضوحه، “لتدارك وتجنّب ما قد يحدث لاحقاً من إسقاط للعضوية في حال تمّ اكتشاف امتلاك العضو لجنسية أخرى”، وبالتالي لما الاستناد فقط لتنفيذ أحكام قانون الانتخابات العامة الذي لم يتطرق أبداً لشرط امتلاك جنسية أخرى؟.

رئيسُ اللجنة القضائية العليا لانتخابات مجلس الشعب القاضي جهاد مراد أوضح في حديث لـ”البعث” مسؤولية اللجنة عن تنفيذ أحكام قانون الانتخابات العامة رقم 5 لعام 2014 والتدقيق لتطبيق نصوص القانون، مؤكداً أن  مهمّة لجان الترشيح بالمادة 14 وفقاً لقانون الانتخابات العامة دراسة طلب المرشح من الناحية القانونية التي نصّت عليها المادة 39 من قانون الانتخابات العامة، بأن يكون المرشح عربياً سورياً منذ أكثر من عشر سنوات، وألا يكون محكوماً بعقوبة جنحية أو شائنة، إضافة لأن يكون ناخباً في الدائرة الانتخابية التي يتبع لها، لافتاً إلى أن التعليمات التنفيذية الصادرة لقانون الانتخابات العامة الصادر بقرار رئاسة مجلس الوزراء رقم 10 تاريخ 16/4/ 2014 حدّد جملة الوثائق التي على لجان الترشيح أن تتأكد منها ليُقبَل طلب الترشيح، والتي يجب أن ترفق بطلب الترشيح وهي على الشكل الآتي: إخراج قيد مدني للمرشح يتضمن تاريخ ولادته بالأرقام والأحرف، وأن يذكر فيه بأنه عربي سوري منذ عشر سنوات على الأقل بتاريخ تقديم طلب الترشيح، وخلاصة سجل عدلي “لا حكم عليه” صادر قبل 30 يوماً على الأكثر من تاريخ تقديم طلب الترشيح، ووثيقة تثبت المرحلة العلمية، وأن يقدّم مُقدِّم الطلب تصريحاً بأنه لم يرشح نفسه في دائرة انتخابية أخرى، وبيان إقامة ورقم هاتف، وما يثبت ترشيحه من القطاع الذي يطلب المرشّح الترشيح منه، ووثيقة نقل الموطن الانتخابي.

وشدّد على التزامهم وتقيّدهم بالقانون وبالتعليمات التنفيذية الصادرة عن رئاسة مجلس الوزراء وبالوثائق المطلوبة التي لم يُطلب فيها بأن يتعهد المرشّح أو يصرح بأنه لا يحمل جنسية أخرى، مؤكداً أن ما يحصل الآن هي إجراءات قانونية ودستورية سليمة تماماً، لا يوجد  فيها أي خلل، وليست استدراكاً لعيب أو خطأ بتطبيق القانون ارتكبته اللجان القضائية الفرعية بقبول طلب المرشح، ومن هنا يضيف مراد أن اللجان درست طلبات الترشيح بشكل قانوني وسليم، وبما يتوافق مع أحكام المادة 39 من قانون الانتخابات العامة، وبما يتناسب مع التعليمات التنفيذية لقرار مجلس الوزراء بالمادة 32 منوهاً بأن تطبيق القانون وإسقاط العضوية، تمّ بعد توفر معلومات مؤيدة بالدليل لمكتب المجلس بأن عدداً من الأعضاء يحمل جنسية أخرى غير الجنسية العربية السورية.

وفي جوابه عن سؤالنا حول التشدّد في العقوبة، وعدم الاكتفاء فقط بإسقاط العضوية، يرى مراد أن إسقاط العضوية ليس بالأمر العادي، بل هو عقوبة متشدّدة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى نصوص العقوبات الموجودة في قانون الانتخابات العامة لم ترد على نقطة امتلاك جنسية أخرى، مشيراً إلى أن هذه النقطة وردت فقط في المادة 152 من الدستور الصادر عام 2012 التي نصّت على عدم أحقية من يمتلك جنسية أخرى غير السورية أن يتبوأ مناصب من بينها أعضاء مجلس الشعب، موضحاً أن التشدّد في العقوبة لمن يخالف القانون  في هذه النقطة بالتحديد يحتاج لتعديل قانون، والنظر بإمكانية إعداد دراسة للتدقيق ببعض النقاط  التي من الممكن أن تُحسّن عملية الأداء الانتخابي، سواء في الإدارة المحلية أو انتخابات مجلس الشعب.

وأكد مراد أنه لم يصل للجان القضائية الفرعية في المحافظات، طلب طعن واحد من أي ناخب بصحة قبول طلب ترشيح أحد المرشحين المقبولين من قبل لجان الترشيح لامتلاك المرشح المقبول جنسية أخرى، إضافة للجنسية العربية السورية، وإلا لكانت اللجنة تدخلت، ما يعني أن الأمور كانت تسير ضمن الإجراءات القانونية، مشيراً في ختام حديثه إلى صعوبة كشف امتلاك جنسية أخرى لمن يتقدّم بطلبات الترشح، خاصةً وأن الشخص لن يصرح بأنه يملك جنسية أخرى، لأنه لن يبرزها أو يستخدمها أو يدخل بها إلى البلاد.

لنخلُص إلى نتيجةٍ مفادها ضرورة تعديل القانون لتدارك وإنهاء مثل تلك الإشكاليات التي قد تحدث لاحقاً، والتي تؤشر إلى أن ما حدث من مخالفة للقانون، ربما ساهم ولأكثر من مرة بإيصال بعض الأشخاص ممن يحملون جنسية أخرى، لتحقيق مصالح خاصة بهم ولإيصال أصواتهم، وليس لإيصال أصوات من انتخبهم من الشعب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى